Skip to main content
NewsBanner

مركز محمد بن راشد للفضاء.. نحو إرث إماراتي لا يعرف المستحيل

في قلب دبي، يواصل مركز محمد بن راشد للفضاء رسم ملامح فصل جديد من مسيرة الإنجازات الإماراتية. حكاية لم تكتفِ بتلقّي التكنولوجيا، بل سعت لصناعتها وتوظيفها، لتضع الإمارات بين رواد صناعة تكنولوجيا الفضاء عالميًا.
 
بداية طموحة
بدأت المسيرة عام 2006 بخمسة مهندسين فقط، وضعوا أساس خبرة إماراتية أصيلة تنطلق من الشغف بالمعرفة والإصرار على تحويل الفضول إلى إنجاز. وكما يؤكد سعادة سالم حميد المري، مدير عام المركز: "لم يكن الهدف مجرد بناء أقمار  اصطناعية أو إطلاق مهمات، بل غرس ثقافة التحدي والطموح التي تعكس روح الإمارات." وفي عام 2015، أصبح المركز الحاضن الرسمي لبرنامج الإمارات الوطني للفضاء، لينطلق عبره جيل جديد من الأقمار الاصطناعية والبرامج التعليمية والمهام البحثية.
 
أقمار اصطناعية ببصمة إماراتية
 بدأت مسيرة الإنجازات عبر برنامج تطوير الأقمار الاصطناعية، حيث تم تطوير أول قمر اصطناعي، وهو  "دبي سات 1" عام 2009، ثم دبي سات 2 عام 2013، وصولاً إلى خليفة سات عام 2018، أول قمر اصطناعي تم تطويره بأيادٍ إماراتية بالكامل، ومعه تحولت الإمارات من مستخدم للتكنولوجيا إلى دولة مطورة للتقنيات الحديثة. قدمت هذه الأقمار الاصطناعية بيانات ساهمت في كل جانب من جوانب الحياة الحديثة، مثل الزراعة، وجودة الهواء، والاستجابة للكوارث. أما الصور، مثل مخطط نخلة جميرا أو مسارات مطار آل مكتوم، فكانت أكثر من إنجاز تقني؛ كانت انعكاسًا لرؤية وطن يتحرك بقوة نحو المستقبل القائم على الاقتصاد المعرفي. 
 
كما تعاون مركز محمد بن راشد للفضاء مع جهات وطنية أخرى في إطلاق المزيد من الأقمار الاصطناعية مثل التعاون مع بلدية دبي عبر إطلاق "دي إم سات 1"، في عام 2013،  وهو أول قمر اصطناعي نانومتري بيئي في المنطقة. 
 
لم تقف طموحات المركز عند هذا الحدث، بل عمل فريق المركز على توسيع طموحاتهم في مجال رصد الأرض، من خلال تطوير القمر الاصطناعي محمد بن زايد سات، ليكون القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة، يمثل "محمد بن زايد سات" علامة فارقة في مجال تكنولوجيا الفضاء، بوزن إجمالي يبلغ 750 كجم وأبعاد تصل إلى 3 أمتار × 5 أمتار. يتميز القمر الاصطناعي بدقة تصوير مضاعفة مقارنة بالأجيال السابقة، مع قدرة إنتاج صور أكبر بعشرة أضعاف، وسرعة في تسليم البيانات خلال ساعتين فقط. كما يضم تقنيات متطورة، مثل الدفع الكهربائي الدقيق، وكاميرا عالية الدقة، لتلبية احتياجات متنوعة تشمل مراقبة البيئة وإدارة البنية التحتية والإغاثة في حالات الكوارث.
 
ولتعزيز وتنويع تقنيات الأقمار الاصطناعية، تم إطلاق "اتحاد سات"، أول قمر اصطناعي راداري يطوره فريق مركز محمد بن راشد للفضاء، ويتمتع بتكنولوجيا رائدة تمكنه من التقاط الصور في أي وقت من اليوم وفي أي ظروف بيئية. 
 
طموح زايد يعانق السماء
 في عام 2017، بدأ فصل جديد في مسيرة استكشاف الفضاء، حيث تم تدشين برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بهدف إرسال رواد فضاء في مهمات فضائية خارج كوكب الأرض. في عام 2018، تم اختيار رائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي من بين 4000 متقدم لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، ليشكلا معاً الدفعة الأولى من البرنامج. ولم يمر الكثير من الوقت، حتى حقق هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، إنجازًا نوعيًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، عبر خوض أول مهمة علمية مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية في عام 2019، تحت شعار "طموح زايد"، وبهذا الإنجاز، انضمت الإمارات إلى قائمة الدول التي وصلت إلى محطة الفضاء الدولية، لتصبح الدولة التاسعة عشرة عالميًا، والأولى عربيًا التي تحقق هذا الحلم الفضائي. وخلال تواجده على متن المحطة، أجرى المنصوري 31 تجربة علمية متقدمة، من بينها 16 تجربة بالتعاون مع أبرز وكالات الفضاء العالمية. 

وعن هذا الإنجاز، يقول هزاع المنصوري: "أهم إرث نتركه ليس العلوم التي ننجزها، بل الإيمان للجيل القادم بأن مكانهم موجود سواء في مركز التحكم بالمهمات على الأرض، أو على متن محطة الفضاء الدولية، أو خلف خوذة رائد الفضاء".

وفي عام 2023، حقق معالي الدكتور سلطان النيادي إنجازًا غير مسبوق، بخوضه أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، وذلك ضمن البعثة 69 مع طاقم Crew-6، والتي استمرت لمدة 6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية. جعلت هذه المهمة دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الحادية عشرة عالميًا، وأول شريك من خارج المحطة يرسل رائد فضاء في مهمة طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية. خلال هذه المهمة. وكانت كلماته الأولى من الفضاء: "الإمارات تحقق تقدمًا كبيرًا، ونأمل أن تتبعه إنجازات أعظم"، رسالة ألهمت المجتمع في الإمارات والمنطقة والعالم.

أجرى الدكتور النيادي مجموعة من التجارب العلمية المعقدة والمتقدمة، بالإضافة إلى أعمال الصيانة على متن المحطة، حيث أصبح أول رائد فضاء عربي يخوض مهمة سير في الفضاء، لمدة استمرت 7 ساعات ودقيقة واحدة. كما شارك في العديد من مبادرات التوعية والتعليم، التي تهدف إلى نشر المعرفة العلمية وتحفيز الأجيال القادمة. ويقول النيادي: "كل تجربة فتحت بابًا، وكل اكتشاف له القدرة على إفادة المستقبل ليس فقط للرواد، بل للبشرية جمعاء".

وفي عام 2021، تم الإعلان عن الدفعة الثانية من البرنامج وكان من بينهم أول رائدة فضاء إماراتية وهي نورا المطروشي إلى جانب رائد الفضاء محمد الملا، من بين 4,305 متقدم. وقد انضم رائدا الفضاء من الدفعة الثانية إلى برنامج “ناسا لرواد الفضاء لعام 2021″، وذلك ضمن اتفاقية تعاون مشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم تدريبهما في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة “ناسا” الأمريكية في الولايات المتحدة، قبل أن يتخرجا من البرنامج في عام 2024، ويُصبحا جاهزين لخوض مهمات فضائية في المستقبل.

وعن هذا الإنجاز، قال سعادة سالم حميد المري: "التدريب الشامل الذي يخضع له رواد الفضاء يعكس النهج الاستراتيجي متعدد الأبعاد الذي تتبعه الإمارات في استكشاف الفضاء. هذا الإنجاز خطوة أساسية نحو هدفنا في استكشاف فضاء مستدام، ويبرهن على مكانة الإمارات كدولة مبتكرة ورائدة في علوم وتقنيات الفضاء."
وقالت نورا المطروشي خلال حفل تخرجها: "أن تصبح رائد فضاء لا يعني فقط الوصول إلى الفضاء، بل توسيع آفاق كل من ينظر إلى السماء. كل تحدٍ فرصة للتعلم، وكل مهمة خطوة جديدة لكل من يحلم بأن يساهم".
 
استكشاف الكواكب
إذا شكلت جهود رصد الأرض عبر الأقمار الاصطناعية البداية، فيعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، هو الانطلاقة التي نقلت جهود استكشاف الفضاء في دولة الإمارات إلى مرحلة متطورة، خاصة وأنها أول مهمة فضائية عربية وإسلامية لاستكشاف كوكب المريخ، والتي أطلقتها الإمارات في 20 يوليو 2020. ودخل مدار المريخ في فبراير 2021. وقد أرسل المسبار أكثر من 5 تيرابايت من البيانات إلى الأرض، موثقًا أنماط الطقس اليومية والموسمية، ومساهمًا في دراسة فقدان الغلاف الجوي، ومنح العلماء لأول مرة رؤية شاملة للمناخ المريخي. وباستخدام ثلاثة أجهزة على متن المسبار جمع مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مجموعة من القياسات الأساسية التي تساهم في تكوين فهم أعمق حول الغلاف الجوي للمريخ وطبيعة الطقس في طبقتيه السفلى والوسطى.
 
ولم تتوقف الطموحات عند كوكب المريخ، حيث يسعى مركز محمد بن راشد للفضاء لحمل طموحات دولة الإمارات إلى القمر، من خلال مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، الذي يسعى إلى تطوير سلسلة من المستكشفات الفضائية لاستكشاف سطح القمر في مواقع متعددة وتحقيق أهداف علمية طموحة. يحمل كل مستكشف ضمن هذا المشروع اسم “راشد” تكريمًا للمغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مؤسس دبي الحديثة.
 
تم إطلاق المستكشف "راشد 1" في ديسمبر عام 2022، على متن المركبة اليابانية "هاكوتوا آر" ليصبح أول مركبة عربية تدخل مدار القمر. واستنادًا إلى دروس المهمة الأولى، يعمل المركز على تطوير  المستكشف "راشد 2"، الذي سيهبط على الجانب البعيد من القمر في 2026، وذلك بموجب اتفاقية استراتيجية تم توقعيها مع شركة Firefly Aerospace، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس مركز محمد بن راشد للفضاء. وسيُزوَّد المستكشف راشد 2 بمجموعة من الأجهزة العلمية المتطورة لدراسة بيئة البلازما القمرية والجيولوجيا والظروف الحرارية، إضافة إلى تحليل خصائص التربة وتغيرات درجات الحرارة، وكذلك غلاف الإلكترونات الضوئية على سطح القمر، ما يُسهم في دعم جهود الاستفادة من الموارد المتاحة على سطح القمر، وتمهيد الطريق لاستكشاف أعمق في الفضاء. كما سيتضمن المستكشف جهاز إرسال لاسلكي لتمكين الاتصال مع الحمولات الأخرى خلال المهمة، ما يعزز من المردود العلمي للمهمة.

بوابة الإمارات 
ولا يوجد ما يجسد الدور المتنامي الذي يلعبه مركز محمد بن راشد للفضاء في تعزيز جهود استكشاف الفضاء عالميًا أكثر من الإعلان عن انضمام دولة الإمارات في عام 2024، إلى مشروع تطوير محطة الفضاء القمرية، أول محطة فضائية حول القمر، وسيعمل المركز خلال هذا المشروع إلى تطوير "بوابة الإمارات". سيوفر هذا المكون الحيوي لرواد الفضاء القدرة على إجراء عمليات السير في الفضاء، ونقل الأبحاث ورواد الفضاء من وإلى المحطة، بالإضافة إلى عمله كميناء إرساء إضافي للمركبات الفضائية. سيسهم هذا التعاون في تعزيز مكانة دولة الإمارات كشريك رئيسي في مهمات الفضاء المستقبلية، ويساهم بشكل فعال في استكشاف الفضاء وتعزيز تبادل المعرفة والتقنيات المتقدمة.

وأشاد بيل نيلسون رئيس وكالة ناسا بانضمام دولة الإمارات لهذا المشروع، حيث أكد أن الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة قوية وفي نمو متزايد وقال: "نحقق معاً قفزات عملاقة في مجالات العلوم والتقنية، الأمر الذي من شأنه تعزيز حملة أرتميس ومستقبل استكشاف الإنسان للفضاء".

بناء جيل المستقبل
جعل مركز محمد بن راشد للفضاء التعليم ركيزة أساسية في مهمته، وتشمل مبادراته التعليمية تجارب الطلاب على متن محطة الفضاء الدولية، المخيمات الصيفية والشتوية، التعاون مع المتاحف والمؤسسات التعليمية، جولات المختبرات، وبرامج التدريب العملي، ما يمنح آلاف الطلاب فرصة التعامل مع بيانات ومشاريع فضائية حقيقية واكتساب خبرة مباشرة في بيئة علمية متقدمة.
 
ومن أبرز الأمثلة على هذا الالتزام، الأقمار التي يشارك الطلاب في تطويرها. فقد تم تطوير نايف 1 بالتعاون مع طلاب الجامعة الأمريكية في الشارقة، ليكون من أوائل أقمار الـCubeSat  في المنطقة. بالإضافة إلى HCT-SAT 1 القمر الاصطناعي الذي يمثل خطوة نوعية في التعليم الفضائي، إذ أُطلق في يناير 2025 وشارك طلاب كليات التقنية العليا في جميع مراحله، من التصميم والتجميع إلى الاختبار والإدارة التشغيلية، تحت إشراف مهندسين وأعضاء هيئة تدريس متمرسين.

ويؤكد سعادة سالم حميد المري: "نؤمن بتمكين ثقافة الابتكار والتميز، خصوصًا بين الشباب الذين سيكونون رواد المستقبل في قطاع الفضاء. برامجنا التعليمية المتنوعة دليل حي على القوة التحويلية للتعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات". 

التعاون الدولي نهج استراتيجي
منذ تأسيسه، حرص المركز على بناء شراكات دولية مع وكالات فضاء رائدة مثل ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية، ووكالة الفضاء الروسية، بهدف توسيع نطاق المشاريع وتبادل الخبرات.

وتجسّد مبادرة استضافة الحمولات الفضائية مع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء هذا النهج، إذ تتيح للدول والمؤسسات إطلاق معدات علمية عبر أقمار اصطناعية طورها المركز، ما يسهم في بناء القدرات في علوم وتكنولوجيا الفضاء ويحفّز الابتكار.

ويعزز المركز هذا النهج  أيضًا من خلال استضافة الفعاليات العالمية، مثل المؤتمر الدولي للفضاء 2021، والمؤتمر الدولي لعمليات الفضاء 2023، والأسبوع الجيومكاني 2025، ما يجعل دبي منصة رئيسية للحوار والتبادل العلمي ضمن مجتمع الفضاء الدولي.

إرث متواصل
مع انطلاق أسبوع الفضاء العالمي، يواصل مركز محمد بن راشد للفضاء رحلة التميز والنمو، من خلال تطوير القدرات وصقل الخبرات. فكل مهمة جديدة، وكل رائد فضاء يخوض مهمة أو تدريب جديد، وكل معلومة تصل من المدار، تحكي قصة دولة اختارت العمل والعطاء، ومهندسون حوّلوا الفضول إلى كفاءة، وجيل يتعلّم أن السماء ليست حدودًا، بل بداية لاستكشاف المستقبل.

وهو ما يؤكده سعادة سالم حميد المري، حيث يقول: "كل إنجاز نحققه يعكس تفاني شعبنا وقوة شراكاتنا، ويؤكد مكانة الإمارات كقوة رائدة في العلوم والابتكار. ومع كل خطوة نحو آفاق جديدة في رصد الأرض واستكشاف الفضاء والكواكب، نؤمن بأن الأحلام التي نزرعها اليوم ستتحول إلى إنجازات في المستقبل". 



شارك الآن

Most Recent News


GDM02-P01-07-10-25
مركز محمد بن راشد للفضاء يكشف عن أول صور من القمرين الاصطناعيين محمد بن زايد سات واتحاد سات
01 07102025 Khalifa
حمدان بن محمد يلتقي مؤسس " كولوسال بيوساينسز" العالمية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية
06 07102025 MM1
منصور بن محمد يشهد تخريج الدفعة الـ12 من طلبة الماجستير في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

Mobile For an optimal experience please
rotate your device to portrait mode