مساحات مُلهمة يوفرها مهرجان "سكة للفنون والتصميم" للعديد من الفنانين، لتمكينهم من إطلاق خيالاتهم والتعبير عن جماليات المخزون الثقافي المحلي. وها هو المهرجان في نسخته الـ 11 المقامة في "حي الفهيدي التاريخي" يفتح ساحاته أمام 6 جداريات ساحرة، ويصافح نخبة من فناني الإمارات والمنطقة والعالم الذين ابتكروا 9 أعمال فنية تركيبية خارجية، تعبر عن تجارب ثقافية استثنائية تعزز بجمالياتها استراتيجية "الفن في الأماكن العامة" التي تتولى هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" مهمة تفعيلها، بهدف جعل دبي متحفاً فنياً مفتوحاً أمام الجمهور.
في نسخة هذا العام، يقدم "سكة" الذي تستمر فعالياته حتى 5 مارس المقبل، 6 جداريات امتازت بتفرد أفكارها وأساليبها وبقدرتها على التعبير عن نبض دبي وعبق تراثها وتقاليدها، على رأسها جدارية "دبي" للفنان الإماراتي عبدالله لطفي، وفيها يصور رحلة الإمارة كمدينة استطاعت بطموحاتها ملامسة السماء دون التخلي عن تراثها وتقاليدها، بينما بدا المبدع بدر عباس عبر جداريته "المستقبل هنا" فناناً رؤيوياً فريداً من نوعه، حيث قدم عبر تصوير تتكامل فيه التكنولوجيا بكل سلاسة مع التقاليد والثقافة المحلية، رؤية مثيرة لطموحات الإمارات للخمسين عاماً المقبلة واهتمامها بالمستقبل. أما الإماراتية فاطمة آل علي فقد احتفت عبر "يا لابس التلي" بالثوب والكندورة الإماراتية وأنماط تطريز "التلي" وانسجامها مع تصاميم المجوهرات التقليدية.
صورة ظلية
وبالقرب من "بيت 45"، يعرض الجزائري "سنيك هوتيب" جداريته "هدوء" التي استلهمها من التوازن بين الأصل والمظهر، والعقيدة والجوهر، بينما قدم الفنان الفلبيني مارك باريتو في جداريته "غداً" صورة ظلية تشبه شكلاً رقمياً استلهمها من ثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل، وتكمن جماليات هذه الجدارية في كونها تمثل استجابة فنية لنمط "حي الفهيدي التاريخي" المعماري وانعكاساته على الثقافة والتراث، وشكلت جدران المهرجان مساحات مُلهمة لطالبات كلية الآداب والصناعات الإبداعية في "جامعة زايد"، اللواتي قدمن جدارية "ترجمات الإمارات العربية المتحدة" كتمثيل لتصوراتهن حول طبيعة الحياة في الإمارات باستخدام رسوم مصورة بتقنيات تقليدية واستكشافية وعملية مختلفة.
الحنين للطفولة
من جهة أخرى، احتضنت ساحات "سكة للفنون والتصميم" 9 أعمال فنية تركيبية امتازت بقدرتها على لفت أنظار زوار المهرجان المندرج تحت مظلة "موسم دبي الفني". وتحت عنوان "خيوط الزمن: النسيج" قدمت الفنانتان حمدة الفلاحي وريما المهيري عملهما الفني تقديراً لتراث المنطقة الغني بالنسيج ودورها في تاريخ التجارة، بينما عبر الفرنسي أليكس جوجي من خلال عمله (Once Upon A Snack) عن فكرة "الحنين للطفولة" مستنداً فيه على سلسلة فنية مصنوعة من مكعبات الليغو. ويطل الفنان الإماراتي جاسم العوضي بمجسم "الحلقة" المكون من ثلاثة مجسمات بألوان مختلفة، ويعبر من خلاله عن رؤيته للتجديد والوصول إلى الهدف، أما الإماراتية روضة الكتبي فتأخذ زوار المهرجان في رحلة عبر الزمن من خلال عملها "الدريشة" الذي بدا أشبه ببوابة زمنية لزيارة الماضي، بينما يروي استوديو "موي" من خلال "أجيال مهاجرة" قصص الذين وصلوا إلى الإمارات من أجل صناعة مستقبل مشرق لهم.
وفي أروقة المهرجان، يطل المبدع الإماراتي عبد الله الكندي بمنحوتته (Thigmomorphogenis) ليبحث من خلالها عن استخدامنا للبستنة في ظل الصراع بين البيئة والأنظمة التي تحاول ثني إرادة الأرض، فيما يقدم الإيراني علي بهماني عمله "ميروورغامي" (Mirrorigami) المستوحى من فن الأوريغامي، بينما يسعى الإيطالي كريستيان رويتزوتي مع الفنانة الإسبانية جوليان ألفاريس من خلال عملهما الفني الآسر "أمنيسا" (Amnesia) لإنعاش الذاكرة على لوحة قماشية دائرية الشكل، أما الفنانة السورية آليا علا عباس فعملت عبر "مقلوب النمطية – المعنى" على إبراز التضاد الجميل بين التراثي القديم والجديد المعاصر، ليبدو العمل انعكاساً لصورة المدينة التي تفاجئنا بما تقدمه من علوم ومعارف وابتكارات غير متوقعة.